بالنسبة إلى مصالحها بكثير ، ولكن الإنسان كما قال الله تعالى : ظلوم لنفسه جهول بربه وعظمته وجلاله وحكمته وإتقان صنعه.
وكم بين إخراج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مكة ، على تلك الحال ، ودخوله إليها ذلك الدخول الذي لم يفرح به بشر حبورا لله ، وقد اكتنفه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، والمهاجرون والأنصار قد أحدقوا به ، والملائكة من فوقهم ، والوحي من الله ينزل عليه ، وقد أدخله حرمه ذلك الدخول ، فأين مفسدة ذلك الإخراج الذي كان كأن لم يكن.
ولو لا معارضة السّحرة لموسى بإلقاء العصي والحبال حتى أخذوا أعين الناس واسترهبوهم ، لما ظهرت آية عصا موسى حتى ابتلعت عصيهم وحبالهم ، ولهذا أمرهم موسى أن يلقوا أولا ، ثم يلقي هو بعدهم.
ومن تمام ظهور آيات الرب تعالى وكمال اقتداره وحكمته ، أن يخلق مثل جبريل صلوات الله وسلامه عليه الذي هو أطيب الأرواح العلوية وأزكاها وأطهرها وأشرفها ، وهو السفير في كل خير وهدى وإيمان وصلاح ، ويخلق مقابلة مثل روح اللعين إبليس الذي هو أخبث الأرواح وأنجسها وشرها ، وهو الداعي إلى كلّ شرّ وأصله ومادته.
وكذلك من تمام قدرته وحكمته أن خلق الضياء والظلام ، والأرض والسماء ، والجنة والنار ، وسدرة المنتهى وشجرة الزقوم ، وليلة القدر وليلة الوباء ، والملائكة والشياطين ، والمؤمنين والكفار ، والأبرار والفجار ، والحر والبرد ، والداء والدواء ، والآلام واللذات ، والأحزان والمسرات ، واستخرج سبحانه من بين ما هو أحب الأشياء إليه من أنواع العبوديات ، والتعرف إلى خلقه بأنواع الدلالات.
ولو لا خلق الشياطين والهوى والنفس الأمّارة ، لما حصلت عبودية الصبر