مسلمين ، قال : فدلّ هذا على حفظ محمد بن إسحاق وإتقانه وضبطه ، لأنه ذكر مسلمين ، في روايته عن ثور بن يزيد لهذا الحديث ، وأسقطه من رواية قتادة ، وقصر فيه عن قوله : مسلمين. وزاده ثور بإسناده ، فالله أعلم.
قال : والحنيف في كلام العرب ، المستقيم المخلص ، ولا استقامة أكثر من الإسلام. قال : وقد روى عن الحسن : الحنيفية حج البيت ، وهذا يدل أنه أراد الإسلام ، وكذلك روى عن الضحاك والسدي ، قال : حنفاء : حجاجا. وعن مجاهد : حنفاء : متّبعين. قال : وهذا كله يدل على أن الحنيفية الإسلام. قال : وقال أكثر العلماء : الحنيف المخلص. وقال الله عزوجل : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً (٦٧)) [آل عمران] وقال تعالى : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (١٦١)) [الإنعام] وقال : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ (٧٨)) [الحج] وقال الشاعر ، وهو الراعي :
أخليفة الرحمن إنا معشر |
|
حنفاء نسجد بكرة وأصيلا |
عرب نرى لله في أموالنا |
|
حقّ الزكاة منزلا تنزيلا |
قال : فهذا وصف الحنيفية بالإسلام ، وهو أمر واضح لا خفاء به. قال : ومما احتج به من ذهب في هذا الحديث إلى أن الفطرة في هذا الحديث الإسلام ، قوله صلىاللهعليهوسلم : «خمس من الفطرة» (١). ويروى : عشر من الفطرة. قال شيخنا : والدلائل على ذلك كثيرة ، ولو لم يكن المراد بالفطرة الإسلام ، لما سألوا عقيب ذلك ، أرأيت من يموت من أطفال المشركين؟ لأنه لم يكن هناك ما يغير تلك الفطرة لما سألوه.
__________________
(١) رواه البخاري في الأدب المفرد (١٢٥٧ و ١٢٩٢ و ١٢٩٣) ، والنسائي ٨ / ١٢٨ و ١٢٩ ، وأحمد ٢ / ٢٢٩ ، و ٢٣٩ و ٢ / ٢٨٣ و ٤١٠ و ٤٨٩ ، ومسلم ١ / ١٥٢ ، والترمذي ٢٧٥٦.