وصحّ عن سعد بن أبي وقاص أنّه أسلم قبل أبي بكر أكثر من خمسة (١).
ورواه الطبري بلفظ : خمسين (٢).
ثالثا : المتدبّر في التواريخ يدرك أن أنصفه ضميره : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يظهر دعوته إلّا بعد قريب ثلاث سنوات ، قال ابن الأثير : ثمّ إن الله تعالى أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بعد مبعثه بثلاث سنين أن يصدع بما يؤمر ، وكان قبل ذلك في السنين الثلاث مستترا بدعوته لا يظهرها إلّا لمن يثق به ، فكان أصحابه إذا أرادوا الصلاة ذهبوا الى الشعاب فاستخفوا (٣).
وعن ابن مسعود : لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلّ إلى البيت حتّى أسلم عمر (٤).
فاين كان إظهار إسلام أبي بكر في هذه المدّة؟ ولما ذا لم يستثنه أصحاب التواريخ؟ وهم على أن إسلام أبي بكر كان بعد هذه الثلاث سنين لا أقل.
وذكر الحاكم أن أوّل من اظهر الإسلام سبعة : رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبو بكر وعمّار وأمّه سميّة وصهيب والمقداد وبلال (٥).
وهذا لا يبيّن متى أظهر أبو بكر إسلامه بل ظاهره إنّه بعد إظهار رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أي بعد الثلاث سنوات ، إذا كان بمعنى التجاهر لا مجرّد الشهادة.
إن قيل : كيف يصحّ أن أبا بكر أسلم واظهر إسلامه ، والنبيّ كان قد أعلن إسلامه.
قلنا : هذا أمّا يدلّ على كذب هكذا روايات ، ويثبت إنّ أبا بكر أسلم كما أسلم بقيّة المسلمين.
وأمّا إنّ أبا بكر عند ما أسلم تجاهر بإعلان إسلامه في مجالس قريش ، بلا خوف كما في إسلام حمزة.
وأمّا صلاة أبي بكر متجاهرا ، فيكذّبه ما روي في عمر عن عبد الله قال : «والله ما استطعنا أن نصلّي عند الكعبة ظاهرين حتى أسلم عمر».
والحديث صحيح عند الحاكم والذهبي (٦).
إلّا إذا كان المراد تجاهره أمام نسائه وأولاده!
رابعا : إطباق العلماء وأصحاب التواريخ وإجماعهم على تقديم إسلام عليّ عليهالسلام أمّا علماء الإماميّة ومؤلّفيهم فقد اطبقوا على ذلك وهو ظاهر.
أمّا علماء العامّة فبملاحظة ما يلي :
__________________
(١) تاريخ دمشق : ٣٠ / ٤٥ ترجمة أبو بكر ، والصواعق : ٧٦ ط. مصر و ١١٥ بيروت فصل ٢ من باب ٣.
(٢) تاريخ الطبري : ٢ / ٦٠ ذكر أوّل من أسلم.
(٣) الكامل في التاريخ : ١ / ٤٨٦ ذكر امر الله بنية باظهار دعوته.
(٤) لوامع الانوار البهية : ٢ / ٣٢٠ فصل في ذكر الصحابة ـ ذكر الفاروق.
(٥) المستدرك : ٣ / ٣٤٩ كتاب معرفة الصحابة مناقب المقداد.
(٦) المستدرك وتلخيصه : ٣ / ٨٣ كتاب معرفة الصحابة.