الباب الثامن
في تبليغ أمير المؤمنين عليهالسلام سورة براءة وعزل أبي بكر
من طريق الخاصّة وفيه ستّة عشر حديثا
الأوّل : عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال : حدّثني أبي عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة ، قال : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا فتح مكّة لم يمنع المشركين الحجّ في تلك السنة وكان سنّة في العرب في [الحج] انّه من دخل مكّة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحل له امساكها ، وكانوا يتصدّقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف ، فكان من وافى مكّة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثمّ يردّه ، ومن لم يجد عاريّة اكترى ثوبا ومن لم يجد عاريّة ولا كراء ولم يكن له إلّا ثوب واحد طاف بالبيت عريان ، فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عاريّة أو كراء فلم تجده ، فقالوا لها إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدّقي بها ، فقالت وكيف أتصدّق وليس لي غيرها ، فطافت بالبيت عريانة [وأشرف عليها الناس] (١) فوضعت إحدى يديها على قبلها والاخرى على دبرها وقالت شعرا :
اليوم يبدو كلّه أو بعضه |
|
فما بدا منه فلا احلّه |
فلمّا فرغت من الطوّاف خطبها جماعة فقالت : إنّ لي زوجا ، وكانت سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلّا من قاتله ولا يحارب إلّا من يحاربه وأراده ، وقد كان انزل عليه في ذلك (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يقاتل أحدا قد تنحّى عنه واعتزله حتّى نزلت سورة براءة وأمره بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلّا الذين قد [كان] عاهدهم رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم فتح مكّة إلى مدّة منهم صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو ، فقال الله عزوجل : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) ثمّ يقتلون حيثما وجدوا بعد هذه الاشهر السياحة عشرين من ذي الحجّة الحرام ومحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشرة من شهر ربيع الآخر ، فلمّا نزلت الآيات من
__________________
(١) من المصدر.