الباب السادس والثلاثون
في قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «سلوني قبل أن تفقدوني»
من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث
الأوّل : ابن بابويه في أماليه قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق ومحمّد بن أحمد السناني رحمهالله قالوا ، حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطان قال : حدّثنا محمّد بن العبّاس قال : حدّثني محمّد بن السري قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن سعد بن طريف الكناني عن الأصبغ بن نباته قال : لما جلس علي عليهالسلام في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لابسا بردة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، منتعلا نعل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، متقلدا سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله فصعد المنبر فجلس عليه متمكنا ثمّ شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثمّ قال: «يا معاشر الناس ، سلوني قبل أن تفقدوني ، وهذا سفط العلم ، هذا لعاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، هذا ما زقني رسول الله صلىاللهعليهوآله زقا زقا ، سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين ، أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتّى ينطق التوراة فيقول : صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ ، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتّى ينطق [الإنجيل فيقول : صدق عليّ ما كذب ، لقد أفتاكم بما أنزل الله ، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق] القرآن فيقول : صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا ، فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ ولو لا آية في كتاب الله لأخبرتك بما كان وبما هو كائن إلى يوم القيامة وهي هذه الآية : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (١).
ثمّ قال : سلوني قبل أن تفقدوني فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل انزلت أو في نهار انزلت ، مكيّها ومدنيها ، سفريها وحضريها ، ناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها ، تأويلها وتنزيلها لأخبرتكم».
فقام إليه رجل يقال له دعلب وكان ذرب اللسان ، بليغا في الخطب ، شجاع القلب فقال : لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنّه اليوم لكم في مسألتي إياه فقال : يا أمير المؤمنين ، هل
__________________
(١) الرعد : ٣٩.