مبيّنا ضعفها وسقمها من عدّة وجوه ، ثمّ يفترض صحّة الدليل الذي احتجّوا به ، تاركا ما أورده عليه من إشكالات جانبا ، ليردّه بوجوه وأدلة اخرى ذات معان جديدة تختلف عن سابقتها ، مستشهدا في جميع ذلك بكثير من الآيات القرآنية ، مستعينا بطريقي : النقل الصحيح المتواتر المتّفق عليه ، والعقل ، فيستوفي البحث في المسألة الواحدة حتّى يسقطها من الاعتبار ، وبدلا من أن تكون دليلا لهم تصبح دليلا وحجّة عليهم ، غير تارك لهم ثغرة يلجئون إليها إلاّ التسليم واتّباع نهج الحقّ والصراط المستقيم بما جاءهم به من البيّنة والبرهان (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلّٰهِ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوٰاءَ السَّبِيلِ يُحَاجُّونَ فِي اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ مٰا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دٰاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعليهمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذٰابٌ شَدِيدٌ.)
كما حاجج في هذا الكتاب أبرز الفرق وأشهرها كالسنّة والمعتزلة والحشويّة والخوارج فيما بينهم ، بذكر حجج وأدلّة وشبه بعضهم على البعض الآخر ، مؤكّدا قدرته وتفوّقه وسعة اطلاعه بأفكار وعقائد الفرق والمذاهب الأخرى.
والمباحثات المذكورة في هذا الكتاب ليست كلّها افتراضية أو غير واقعية ، كما قد يتصوّر البعض ، بل إنّ بعضها كان قد حدث فعلا ، كما هو واضح في محاججته مع بعض متكلّمي المعتزلة ، وبعض المرجئة ، قال في نهايتها بعد غلبته عليهما : «فلحق بالأوّل في الانقطاع ، ولم