وهذا يتسق مع احتمال رواية كون الآيات نزلت في حق بني النضير وبني قريظة أكثر.
والآيات الأربع حسب ما تقدم من شرح نزولها وتفسيرها تبدو فصلا مستقلا لا صلة له بالآيات السابقة سياقا وموضوعا. إلّا إذا صحّ ما روي من أن الآيات السابقة نزلت في مناسبة مجادلة اليهود في بعض الآيات المتشابهة. ولقد استبعدنا هذا ورجحنا كون الآيات نزلت في صدد وفد نجران. وكما أنه لا يبدو صلة بين هذا الفصل والآيات السابقة كما رجحنا فإنه لا يبدو لها صلة بالآيات اللاحقة لها أيضا كما يتبادر لنا. وسورة آل عمران كسورة البقرة احتوت فصولا عديدة بعضها مستقل عن بعض ثم رتبت على وضعها الحاضر بعد تمامها. وقد تكون هذه الآيات نزلت بعد الآيات السابقة لحدوث مناسبتها في ظرف نزول الشطر الأول من السورة فوضعت في مكانها والله تعالى أعلم.
وجمهور المؤولين والمفسرين على أن جملة (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) عنت ما كان من تفوق مشركي قريش يوم بدر عددا على المؤمنين. وهذا ما ذكرته الروايات التي أوردناها في سياق تفسير سورة الأنفال.
وأسلوب الآيات قوي ينطوي فيه إيذان رباني حاسم بقهر الذين كفروا برسالة رسول الله وكذبوا بآيات الله المنزلة عليه كما جرت سنّة الله في الذين قبلهم. وفيه تبشير رباني بنصر المؤمنين عليهم. وهذا الإنذار والتبشير مما تكرر في سور مكية ومدنية. وتحقق مصداقهما في العهد المدني فكان فيه مظهر من مظاهر الإعجاز القرآني.
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤) قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ