إسلامي محكم في ذاته. وفي الآيتين التاليتين تدعيم لهذا التشريع.
ولقد انطوى في الآية الأولى مبدآن في صدد تنظيم مناسبات المؤمنين مع غيرهم :
الأول : عدم جواز اتخاذ المؤمنين من غيرهم نصراء وأولياء بدلا من المؤمنين في أي حال.
الثاني : تسويغ مداراة المؤمنين لغيرهم في الظروف التي توجب هذه المداراة لدفع الأذى والشرّ والضرر.
وفيما يلي شرح لمدى الآية وما يروى في صددها من أقوال وأحكام وتعليق عليه :
١ ـ لقد تعددت الأقوال التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل أو يوردونها لأنفسهم في صدد الفقرة الأولى. من ذلك أن النهي يشمل التناصر والتحالف مع الكفار. ويشمل كذلك اتخاذهم بطانة أو اطلاعهم على أسرار المسلمين ولو كان بينهم قربى رحم أو جنس. ومما قالوه في تأويل (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) إنها بمعنى براءة الله منه والإيذان بأن فاعل ذلك مرتدّ عن الإسلام. وبعضهم أدار الكلام على اعتبار أن النهي هو عن موالاة الكفار الأعداء من حيث إن هناك كفارا غير أعداء مسالمين أو موادين أو حياديين ومعاهدين. وفي كل هذه الأقوال صواب وسداد.
٢ ـ وتنبيه يهدد المئات ولو كان الأمر بديهيا على أن كلمة (الْكافِرِينَ) في الآية هي نعت لكل جاحد لرسالة محمد صلىاللهعليهوسلم سواء أكان كتابيا أم مشركا أم وثنيا أو ملحدا. وفي آيات في سورة المائدة نهي صريح عن موالاة اليهود والنصارى وأهل الكتاب [٥٢ ـ ٥٨] حيث يكون في ذلك تدعيم قرآني.
٣ ـ والآية هي أولى آيات ورد فيها النهي عن تولي الكافرين. وقد تكرر ذلك مرارا في سور أخرى حيث يبدو أن من المسلمين سواء منهم المخلصون أو المنافقون المتظاهرون بالإسلام لم يمتنعوا عن تولي الكفار فاقتضت حكمة التنزيل