وسوء مصيرهم الأخروي مما يمكن أن يتصل بمدى جملة (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) ومما يمكن أن تكون الحكمة النبوية فيها إنذارا وتحذيرا. والله تعالى أعلم.
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (١١٠) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢)) [١١٠ ـ ١١٢].
في هذه الآيات :
١ ـ خطاب تبشيري موجّه إلى المسلمين بأنهم خير أمة أخرجت للناس لإيمانهم بالله وقيامهم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
٢ ـ وإشارة تنديدية إلى أهل الكتاب. فلو أنهم آمنوا برسالة النبي لكان خيرا لهم ولتمتعوا بتلك المزية التي جعلها الله للمؤمنين. ولكن لم يؤمن منهم إلّا القليل وأما الأكثر فهم فاسقون.
٣ ـ وخطاب تطميني موجّه إلى المسلمين : فليس أهل الكتاب ممن يخشى لهم بأس أو يخاف من ضرر أكيد منهم فضررهم قاصر على الأذى بالدسّ والكيد واللسان. ولو حدثتهم نفوسهم بقتال المسلمين لما ثبتوا في الميدان ولولوا الأدبار ولما كتب لهم أي نصر. فقد لزمتهم المسكنة في كل ظرف ومكان باستثناء بعض الظروف التي يتمسكون فيها بحبل الله ويتعاملون فيها مع الناس بالحق ويرعون معهم العهود. وقد لزمهم غضب الله وسخطه. لأنهم اتخذوا الكفر بآيات الله وقتل أنبيائه بغير حق وعصيان أوامره والوقوف موقف المعتدي ديدنا.