رسول الله وكان رسول الله والمسلمون يعودونه وكان عليّ يقول الحمد لله لم أفرّ ولم أول الدّبر.
ومما روي أن أبا سفيان هتف : أفي القوم محمد؟ ثلاث مرات فأمر النبي بأن لا يجيبوه. ثم هتف : أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثم هتف : أفي القوم ابن الخطاب؟ فلما لم يسمع جوابا قال لقومه أما هؤلاء فقد قتلوا وكفيتموهم. فما ملك عمر نفسه أن قال كذبت يا عدوّ الله إنهم لأحياء كلّهم وقد بقي لك ما يسوءك. كذلك مما روي أن أبا سفيان هتف (يوم بيوم بدر) والحرب سجال وستجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني. ثم أخذ يرتجز (اعل هبل. اعل هبل) فردّ عليه المسلمون بأمر النبي (الله أعلى وأجلّ) وهتف (لنا العزّى ولا عزّى لكم) فأجابوه (الله مولانا ولا مولى لكم).
ومما روي أن قريشا ندموا لعدم استئصال المسلمين وفكروا في الكرة عليهم ، وعلم النبي بذلك فندب المسلمين إلى الخروج فاستجابوا له وخرجوا رغم ما كان ألمّ به وبهم من جروح وتعب وحزن فوصلوا مكانا اسمه حمراء الأسد فوجدوا قريشا قد انصرفوا.
وفي الآيات التالية إشارات عديدة تؤيد صحة كثير مما جاء في هذه المرويات التي ورد كثير منها في صحيح البخاري ومسلم أيضا (١).
ومع خصوصية الآيات الزمنية فإنها جديرة أن تكون منبع قوة روحية مستمرة ينهل منه المسلمون المخلصون في كل زمن ومكان ، يقع عليهم مثل ما وقع على المسلمين في يوم أحد ، فيردّ عنهم شعور الفزع واليأس ويمدهم بالتأييد الذي يحفزهم على مقابلة الموقف بما يقتضيه من النشاط والتفاني.
ولقد كان ثبات النبي صلىاللهعليهوسلم في الميدان وشجاعته ورباطة جأشه وهو ما أيدته الآيات التي تأتي بعد قليل رغم ما أصابه من جروح ورغم انهزام معظم جيشه موقفا لائقا بالعظمة النبوية. وكان فيما هو المتبادر العامل الأقوى في وقوف كفار قريش
__________________
(١) انظر التاج ، ج ٤ ص ٧٧ و ٣٧٢ ـ ٣٧٤.