يكن لهم مناص من ذلك لما ضاق الخناق عليهم.
ولقد كانوا حلفاء الأوس فقال بعضهم لرسول الله إنهم موالينا فارفق بهم كما رفقت بموالي إخواننا الخزرج ـ يعنون بذلك بني قينقاع وبني النضير الذين قبل شفاعة الخزرج فيهم واكتفى بإجلائهم ـ فقال لهم هل ترضون أن يكون الحكم فيهم واحدا منكم قالوا بلى قال فذاك إلى سعد بن معاذ. وكان زعيمهم. وكان أصابه في حصار الخندق سهم فأمر النبي بنقله إلى خيمة في مسجده ووكل به امرأة مؤمنة من قبيلة أسلم كانت خبيرة بمداواة الجرحى. فجاءه بعض قومه وأبلغوه ذلك وحملوه على حمار وساروا في ركابه وهم يقولون له أحسن يا أبا عمرو في مواليك فقد ولاك رسول الله أمرهم فلما جاء إلى النبي وأبلغه قرار تحكيمه فيهم قال : آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم وإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتسبى الذراري والنساء وتقسّم الأموال فبادره النبي قائلا : «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة. (أي سموات)» ثم نفذ الحكم فيهم عدا بعض أفراد أعلنوا إسلامهم فعصموا دماءهم وأموالهم.
ومما روي أن ما صادره رسول الله منهم ١٥٠٠ سيف و ٣٠٠ درع و ٢٠٠٠ رمح و ١٥٠٠ ترس وحجفة وخمر عدا كثير من الجمال النواضح والماشية. وكان عدد الذين قتلوا بين ٦٠٠ و ٧٠٠ وفي رواية ٤٠٠ واستثنى من القتل من لم ينبت شاربه وأسروا مع النساء والأطفال واعتبر الجميع رقيقا وأرسل قسم منهم على اختلاف في الروايات في عددهم إلى نجد حيث بيعوا واشتري بثمنهم خيل وسلاح (١).
ومما روي كذلك (٢) أن بني قريظة طلبوا من النبي أن يرسل إليهم أبا لبابة بن عبد المنذر الأوسي ليستشيروه في أمرهم فأرسله إليهم فسألوه عما إذا كان ينصحهم أن ينزلوا على حكم النبي وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه
__________________
(١) انظر كتب التفسير وأجزاء وصحف ابن هشام وابن سعد السابقة الذكر.
(٢) المصدر نفسه.