طالب وأم عمارة الأنصارية. والأخيرة ذكرت في حديث رواه الترمذي جاء فيه : «عن أم عمارة قالت يا رسول الله ما أرى كلّ شيء إلّا للرجال وما أرى النساء يذكرون بشيء فنزلت الآية» (١). ولقد أوردنا في سياق تفسير الآية [١٩٥] من سورة آل عمران حديثا رواه الترمذي عن أم سلمة مماثلا لهذا الحديث وذكر فيه أن آية آل عمران هذه نزلت بناء على مراجعتها النبي صلىاللهعليهوسلم في صدد عدم ذكر النساء مع الرجال. والآية تبدو وحدة تامة مستقلة لأول وهلة. وقد يقوي هذا صحة رواية سبب نزولها وهو مراجعة أم عمارة أو غيرها.
غير أننا نلاحظ أن القرآن لم يغفل قبل نزول هذه الآية المرأة المسلمة الصالحة والتنويه بها في المكي منه والمدني (٢). وأن الآية التالية قد أشير فيها إلى واجب المؤمن والمؤمنة على السواء من أمر الله ورسوله وقضائهما. فهذا وذاك يوردان على البال أن تكون الآية متصلة بالسياق التالي لها ، وبمثابة مقدمة تمهيدية. كما لا يبعد أن تكون جاءت معقبة على الآيات السابقة بعد ذكر نساء النبي وواجباتهن ولتستطرد إلى ذكر الأجر العظيم عند الله لكل مؤمن ومؤمنة يقوم بواجبه ويلتزم حدود الله.
ومهما يكن من أمر فإن صيغة الآية قوية رائعة من ناحية ذكر النساء مع الرجال في ما احتوته من تنويه وأوجبته من واجبات. وهي حاسمة الصراحة في اعتبار المرأة مخاطبة في القرآن كالرجل سواء بسواء بكل التكاليف التعبدية والأخلاقية وأهلا لكل ما يترتب على ذلك كالرجل سواء بسواء.
وننبه بهذه المناسبة على أن العلماء والمفسرين متفقون على أن كل خطاب قرآني موجّه للمؤمنين والمسلمين أو فيه ذكر للمؤمنين والمسلمين في أي شأن وليس فيه قرينة على اختصاص الرجال دون النساء هو شامل للمسلمات والمؤمنات.
__________________
(١) التاج ، ج ٤ ص ١٨٥.
(٢) من الآيات المدينة آية سورة آل عمران [١٩٥] ومن الآيات المكية آية سورة النحل [٩٧] وآية سورة غافر [٤٠] وآية سورة البروج [١٠].