أحسن الناس خلقا وبرّأه مما كانوا يقولون». فذلك قول الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ) إلخ (١). ومنها حديث معزو إلى علي بن أبي طالب : «أن أذى بني إسرائيل لموسى هو اتهامهم إيّاه بقتل هارون فأمر الله الملائكة فحملوه ومرّوا به ببني إسرائيل فعرفوا أن موسى لم يقتله» (٢). ومنها «أن قارون استأجر مومسا لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ فعصمه وبرّأه» (٣). وقد رووا في سياق ذلك حديثا أخرجه الإمام أحمد جاء فيه : «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قسم ذات يوم قسما فقال رجل من الأنصار إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله ، فقال له مسلم آخر سمع القول : يا عدوّ الله أما لأخبرنّ رسول الله بما قلت ، ثم أخبر النبيّ بالأمر فاحمرّ وجهه ثم قال : رحمة الله على موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر» (٤). والأحاديث الثلاثة هي في بيان ما أوذي به موسى ، وفيها ما هو صحيح فيوقف عنده. والحديث الرابع فيه حادث واقعي إزاء النبي صلىاللهعليهوسلم فجاء فيه ما جاء من حكاية تأسي النبي صلىاللهعليهوسلم بموسى عليهالسلام ويتضح به هدف الآيات التحذيري والتنبيهي أيضا.
وفي الآيات تأديب رباني مستمر التلقين في وجوب الامتناع عن اتهام الناس بما ليس فيهم والتزام حدود الحق والسداد في كل ما يصدر عن المرء من قول.
ولقد روى ابن كثير حديثا عن النبي صلىاللهعليهوسلم في سياق الآية وفي مناسبتها جاء فيه : «لا يبلّغني أحد عن أحد شيئا فإني أحبّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر». وقد انطوى في الحديث كذلك تأديب نبوي في وجوب الامتناع عن نقل ما يسيء من أقوال الناس إلى من قيلت فيهم لما في ذلك من إثارة للكراهة والبغضاء وأذى النفس.
__________________
(١) انظر التاج ج ٤ ص ١٨٩ ـ ١٩٠ فصل التفسير وقد روى المفسرون حديث الشيخين والترمذي بصيغ وطرق عديدة وقد نقلناه عن التاج. وانظر تفسير الآيات في الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.
(٢) انظر كتب التفسير المذكورة.
(٣) انظر المصدر نفسه.
(٤) انظر المصدر نفسه.