لعينه فعلها ، وقال ابن كثير عزوا إلى إسحق إنها بمعنى ليكفر من كفر بعد الحق لما رأى من آيات الله وما فيها من عبر ويؤمن من آمن على مثل ذلك. وكلا التأويلين وجيه. ويتبادر لنا تأويل آخر وهو أن الله تعالى قدر اللقاء لتقوم لكل من الفريقين الحجة على ما انتهى إليه مصيرهما من هلاك وحياة ، فنصر المسلمين هو حجة على أنهم على حق وهزيمة الكفار حجة على أنهم على باطل ، وللأولين فيما كان حياة وللآخرين هلاك ، والله تعالى أعلم.
ولقد احتوت الآيات بعض مشاهد ووقائع الوقعة ولكن أسلوبها يدل على أن القصة لم تكن المقصودة وإنما القصد هو بيان ما كان من عناية الله وتدبيره بحيث لم يكن نصر للمسلمين لولاها ، وذلك بسبيل توطيد أوامر الله ورسوله وبخاصة في أمر الغنائم المختلف على قسمتها والتي كان الاختلاف عليها هو السبب المباشر لنزول السورة. وهذا يلحظ أيضا في الفصول السابقة على ما نبهنا عليه.
ولقد أوردنا خلاصة ما روي من مشاهد ووقائع المعركة. فلم يبق محل للإعادة ولا ضرورة للزيادة بمناسبة هذه الآيات. غير أن هناك رواية يرويها الطبري والبغوي في صدد الآية [٤٤] هنا محلها حيث رويا بالتسلسل عن ابن مسعود أنه قال «لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت للرجل إلى جانبي تراهم سبعين ، قال أراهم مائة».
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤٨) إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ