ردا قويا مستمدا من النصر الذي أحرزه المسلمون على قتلهم. فالمخلص المتوكل على الله لا يبالي بكثرة عدد عدوه وقلة عدده لأنه موقن بتأييد الله العزيز الحكيم له.
هذا ، ومع خصوصية الآيات الزمنية فإنها احتوت تلقينات عامة جليلة مستمرة المدى بما فيها من علاج نفسي قوي في ذكر الله حين اشتداد الملحمة وما يثيره هذا من قوة وروحانية وثقة وأمل ، وبما فيها من حثّ على الثبات والصبر كما في ذلك من ضمان النصر وكسب لرضاء الله وتأييده. وبما فيها من حكمة اجتماعية فيما في التنازع من فشل وإدبار. وفيما في التضامن والاتحاد من قوة وفلاح ، وبما فيها من حثّ على طاعة الله ورسوله. وتتمثل طاعة الله في التزام ما في القرآن من مبادئ وأحكام وخطوط ، وطاعة رسوله في التزام ما ثبت عنه من سنن قولية وفعلية تمثلا دائما.
ولقد أورد ابن كثير في سياق هذه الآيات حديثا رواه أيضا البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن أبي أو فى جاء فيه : «إنّ رسول الله في بعض أيامه التي لقيّ فيها العدوّ انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال : أيّها الناس ، لا تتمنّوا لقاء العدوّ وسلوا الله العافية. فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. ثم قال : اللهمّ منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم» (١).
ومع تساوق الحديث مع التلقين القرآني فإن فيه نقطة هامة ، وهي نهي المسلمين عن الاستعجال بلقاء العدو أو استعجال التحرش به. والمتبادر أن الحكمة في ذلك هي أن لا يكون الاستعجال بدون ضرورة محتمة ، أو أن لا يؤدي إلى خطر وضرر وفي هذا تلقين جليل آخر والله أعلم.
(وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٣٣٠ و ٣٣١.