أمّا العقل ، فواضح ؛ لأنّ العقل لا يحكم بقبح العقاب إلّا مع عدم الدليل على التكليف واقعا أو ظاهرا.
وأمّا النقل ، فما كان منه مساوقا لحكم العقل فقد اتضح
______________________________________________________
(أمّا العقل ، فواضح) في ان دليل العقل القائم على البراءة لا يتمكن من ان يعارض الاستصحاب أو سائر الاصول والأدلة ، وذلك (لأنّ العقل لا يحكم بقبح العقاب إلّا مع عدم الدليل على التكليف) فإذا كان هناك دليل يدلّ على التكليف قدّم على البراءة ، سواء دلّ على التكليف (واقعا) كالخبر الدال على التكليف واقعا (أو ظاهرا) كالاستصحاب المثبت للتكليف ظاهرا ، فان الاستصحاب دليل ظاهري وهو كالدليل الواقعي يرفع موضوع البراءة ، لأن الشارع لما قال : «لا تنقض اليقين بالشك» (١) كان معناه : انه حكم على طبق اليقين السابق ، وهذا هو بيان كما ان الدليل الواقعي بيان ، ومعه لا يجري «قبح العقاب بلا بيان» ، فيكون الاستصحاب كالخبر المعتبر واردا على أصل البراءة الذي مدركه العقل.
(وأمّا النقل ، فما كان منه مساوقا لحكم العقل) ومشابها له ، وهو ما ينفي التكليف ، لأن العقل يحكم بنفي التكليف مع عدم البيان ، مثل قوله عليهالسلام : «رفع ... ما لا يعلمون» (٢) و «الناس في سعة ما لا يعلموا» (٣) وما أشبههما (فقد اتضح
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٣ ص ٣٥١ ح ٣ ، تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ١٨٦ ب ٢٣ ح ٤١ ، الاستبصار : ج ١ ص ٣٧٣ ب ٢١٦ ح ٣ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢١٧ ب ١٠ ح ١٠٤٦٢.
(٢) ـ تحف العقول : ص ٥٠ ، الخصال : ص ٤١٧ ح ٢٧ ، الاختصاص : ص ٣١ ، التوحيد : ص ٣٥٣ ح ٢٤ ، وسائل الشيعة : ج ١٥ ص ٣٦٩ ب ٥٦ ح ٢٠٧٦٩.
(٣) ـ مستدرك الوسائل : ج ١٨ ص ٢٠ ب ١٢ ح ٢١٨٨٦ ، غوالي اللئالي : ج ١ ص ٤٢٤ ح ١٠٩ وقريب منه في الكافي (فروع) : ج ٦ ص ٢٩٧ ح ٢ ، المحاسن : ص ٤٥٢ ح ٣٦٥ ، تهذيب الاحكام : ج ٩ ص ٩٩ ب ٤ ح ١٦٧ ، وسائل الشيعة : ج ٣ ص ٤٩٣ ب ٥٠ ح ٤٢٧٠.