وإن شئت قلت : إنّ حكم العامّ من قبيل لازم الوجود للشك السببي ، كما هو شأن الحكم الشرعي وموضوعه ، فلا يوجد في الخارج إلّا محكوما.
______________________________________________________
وبعبارة اخرى : انّ فردية الشك المسببي لعموم «لا تنقض» موقوف على عدم شمول هذا العموم للشك السببي ، وعدم شمول العموم للشك السببي موقوف على فردية الشك المسبّبي لهذا العموم ، وهو دور صريح ، لأن حاصله : انّ فردية الشك المسبّبي موقوف على فردية الشك المسبّبي.
الوجه الثاني : (وإن شئت قلت : إنّ حكم العامّ) في «لا تنقض» وهو : حرمة النقض لازم لموضوع العام الذي هو العموم ، فيكون الحكم متأخرا عن العام ، لأن المحمول متأخر عن الموضوع طبعا ، والشك المسبّبي أيضا لازم للشك السببي ، فيكون متأخرا عن الشك السببي ، فالشك السببي إذن ملزوم له لازمان ، وإذا كان كذلك ، كان اللازمان : الشك المسبّبي ، وحكم العام ، كلاهما في مرتبة واحدة متقارنين وحينئذ لا يمكن أن يكون حكم العام حكما للشك المسبّبي ، لأن الشيء الذي في مرتبة شيء آخر لا يكون حكما لذلك الشيء الآخر ، إذ مرتبة الحكم متأخرة ، ومرتبة الشيء المقارن مقارنة ، ولا يمكن أن يكون المقارن مؤخّرا.
وإلى هذا أشار المصنّف بقوله : ان حكم العام الذي هو حرمة النقض (من قبيل لازم الوجود للشك السببي) وذلك لأنّ فردية الشك السببي للعام : «لا تنقض» لا يتوقف على شيء آخر (كما) لا تتوقف الزوجية اللازمة الوجود للأربعة على شيء آخر ، وهذا التلازم (هو شأن الحكم الشرعي وموضوعه) أي : موضوع الحكم الشرعي ، فإن الحكم دائما يكون متأخرا عن موضوعه ولازما له ، فإذا قلنا ـ مثلا ـ : الماء مباح ، كانت الاباحة حكما للماء ولازما له ، وحينئذ (فلا يوجد) الشك السببي (في الخارج إلّا محكوما) بحرمة النقض.