كان حال الذهن في الثاني تابعا لحاله بالنسبة إلى الأوّل ، فلا بدّ من حصول الظنّ بعدم النجاسة في المثال ، فاختص الاستصحاب المفيد للظنّ بما كان الشك فيه غير تابع لشكّ آخر يوجب الظنّ ، فافهم ، فإنّه لا يخلو عن دقّة.
ويشهد لما ذكرنا أنّ العقلاء البانين على الاستصحاب
______________________________________________________
بهذا الماء (كان حال الذهن في الثاني) وهو الثوب سواء كان وهما ، أو شكا ، أو ظنا ، أو قطعا ، (تابعا لحاله بالنسبة إلى الأوّل) وهو طهارة الماء ، فان الظن في الملزوم مقدّم على الظن في اللازم ، ولذا لو ظننا بالأربعة ظننا بالزوجية ، وحينئذ (فلا بدّ من حصول الظنّ بعدم النجاسة في المثال) أي : مثال استصحاب طهارة الماء ، واستصحاب نجاسة الثوب.
إذن : (فاختص الاستصحاب المفيد للظنّ) سواء كان ظنا شخصيا أو ظنا نوعيا (بما كان الشك فيه) مستقلا كالسببي ، فانه (غير تابع لشكّ آخر يوجب الظنّ) كالمسبّبي ، فانه تابع للسببي ، وحكم التابع حكم المتبوع في الصفات النفسية الأربع : من وهم وشك وظن وقطع ، فإذا حصل الظن الاستصحابي بطهارة الماء حصل الظن بطهارة الثوب المغسول به (فافهم ، فإنّه لا يخلو عن دقّة).
لا يقال : إذا ظنّ ببقاء النجاسة يظن بعدم طهارة الماء.
لأنّه يقال : لو توجّه أولا إلى الثوب ظن بنجاسته ، لكنه بمجرّد التوجّه إلى استصحاب طهارة الماء ينقلب ظنه من النجاسة إلى الظن بالطهارة ، حاله حال الالتفات إلى كل معلول قبل الالتفات إلى علته ، فانه بمجرّد الالتفات إلى العلّة ينقلب ظنّه من المعلول إلى الظن بالعلة ، وفي مثالنا من النجاسة إلى الطهارة.
(ويشهد لما ذكرنا) من ان الاستصحاب المعتبر عند العقلاء من باب الظن ، إنّما يجرونه في الشك السببي لا المسبّبي (أنّ العقلاء البانين على الاستصحاب)