بل لمّا وجب نقض اليقين باليقين وجب ترتيب آثار الارتفاع على المرتفع الواقعي ، وترتيب آثار البقاء على الباقي الواقعي من دون ملاحظة الحالة السابقة فيهما ، فيرجع إلى قواعد أخر ، غير الاستصحاب ، كما لو لم يكونا مسبوقين بحالة سابقة.
______________________________________________________
إلّا واحدا من الغريقين مخيّرا ، وان كان خروج أحد الزيدين بسبب العلم بعدم شمول العام له ، وخروج أحد الغريقين بسبب العجز عن امتثاله.
وعليه : فقد ظهر خروج الاستصحابين المتعارضين معا من عموم : «لا تنقض» لا خروج أحدهما لا معيّنا ، ولا أحدهما مخيّرا (بل لمّا وجب نقض اليقين باليقين) بحكم أخبار الاستصحاب ، المذيّلة بقوله : «بل انقضه بيقين آخر» (وجب ترتيب آثار الارتفاع على المرتفع الواقعي ، وترتيب آثار البقاء على الباقي الواقعي) فالذي هو طاهر من الإناءين واقعا يترتب عليه آثار الطهارة ، والذي هو نجس من بين الإناءين واقعا يترتب عليه آثار النجاسة ، ولا يبقى مجال للاستصحاب ، لأن الاستصحاب إنّما مجاله في الظاهر ، والطهارة والنجاسة هنا واقعيان لا ظاهريان كما قال : (من دون ملاحظة الحالة السابقة فيهما) أي : في المتعارضين ، فلا يكون شيء منهما موردا للاستصحاب : لا استصحاب النجاسة ، ولا استصحاب الطهارة.
هذا ، وحيث انّه قد خرج المتعارضان من دليل الاستصحاب ، وكان الباقي على طهارته واقعا ، وكذا المرتفع عن طهارته واقعا ، هو غير معيّن عندنا معيّن عند الله سبحانه وتعالى (فيرجع إلى قواعد أخر ، غير الاستصحاب) مثل : قاعدة الاحتياط ـ مثلا ـ ويحكم فيهما طبق قاعدة الاحتياط (كما لو لم يكونا مسبوقين بحالة سابقة) رأسا.