ولذا لا نفرّق في حكم الشبهة المحصورة بين كون الحالة السابقة في المشتبهين هي الطهارة أو النجاسة وبين عدم حالة سابقة معلومة ، فإنّ مقتضى الاحتياط فيهما ،
______________________________________________________
مثلا : إذا كان عندنا إناءان قد طرأ على كل واحد منهما حالات متعاقبة من النجاسة والطهارة بحيث لا نعلم الحالة السابقة لهذا الاناء ، ولا الحالة السابقة لذلك الاناء ، فانّه لا يجري استصحاب الطهارة ولا استصحاب النجاسة في أحدهما ، بل اللازم الرجوع فيهما إلى أصل آخر ، كأصل الاحتياط أو أصل الطهارة ، وكذا ما نحن فيه ، فانّه لمّا كان عندنا إناءان طاهران ، وتنجس أحدهما غير المعيّن ، لم يجر شيء من الاستصحاب فيهما ، أو في أحدهما ، بل يلزم الرجوع فيهما إلى أصل آخر ، كأصل الاحتياط أو أصل الطهارة.
(ولذا) الذي ذكرناه : من انّه لا تلاحظ الحالة السابقة للمتعارضين في مورد العلم الاجمالي حتى تستصحب تلك الحالة (لا نفرّق في حكم الشبهة المحصورة بين كون الحالة السابقة في المشتبهين هي الطهارة) بأن كان إناءان طاهران ثم تنجّس أحدهما (أو النجاسة) بأن كان إناءان نجسان ثم تطهّر أحدهما (وبين عدم حالة سابقة معلومة) كما مثّلنا له بإناءين طرأ على كل منهما حالات متعاقبة من النجاسة والطهارة بحيث لم نعلم الحالة السابقة لهما.
وعليه : (فإنّ) هذه الصور الثلاث كلها ليست مجرى الاستصحاب ، بل (مقتضى) القاعدة بالنسبة للمتعارضين فيها (الاحتياط فيهما) أي : في المتعارضين منها ، وذلك لمكان العلم الاجمالي المانع من جريان الاستصحاب فيها ـ على ما عرفت ـ والمانع من قاعدة الطهارة أيضا ، إذ لا مجال لقاعدة الطهارة مع العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما.