ما تنفقون الى أهله هو خير لكم ولهم.
ولما كان الفضل السابق على الاولاد من الاباء وجب ان يكون أول ما يشمل العطاء من الخير لهؤلاء الآباء ، قبل كل من سواهم لان لهم الفضل السابق والاقربون أولى بالمعروف.
ولقد علم الله تعالى ان الانسان يحب ـ اول من يحب ـ افراد اسرته الاقربين .. عياله .. ووالديه ، فسار به خطوة في الانفاق وراء ذاته الى هؤلاء الذين يحبهم ليعطيهم من ماله وهو راض فيرضي ميله الفطري الذي لا ضير منه ، بل فيه حكمة وخير ، وفي الوقت ذاته يعول ويكفل ناسا هم أقرباؤه الادنون ، وهم فريق من الامة ، ان لم يعطوا احتاجوا وأخذهم من القريب اكرم لهم من أخذهم من البعيد ، وفيه اشاعة للحب والسلام في المحضن الاول وتوثيق لروابط الاسرة ، التي شاء الله تعالى أن تكون اللبنة الاولى في بناء الانسانية الكبيرة.
ثم يربط هذا كله بالافق الاعلى ، فيستجيش في القلب صلته بالله عزوجل فيما يعطي وفيما يفعل ، وفيما يضمر ويقصد من نيته وشعوره (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ).
بهذا يصل القلوب الى الافق الاعلى والى درجة الصفاء والتجرد والاخلاص لله عزوجل ، وهذا هو المنهج التربوي الذي يضعه العليم الخبير لعباده المطيعين ، ويقيم عليه النظام الذي يأخذ بيد الانسان ويبدأ من حيث هو ، ثم ينتهي به الى آماد وآفاق لا تصل اليها البشرية قط في هذا الطريق.
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢١٦))
البيان : ان القتال في سبيل الله فريضة شاقة ، ولكنها فريصة