وكفى. كلا انما اراد تهذيب النفس وتطهيرها من قذارة البخل وكراهة الشح. وتوثيقا بصلة الانسان باخيه الانسان. وتذكيرا بنعمة الله عليه حيث اعطاه ليتفضل ببعض ما اعطاه على غيره ويكتسب الشكر والثناء من ابناء نوعه. ورد اضعاف ما اعطى من خالقه وكسب الثواب الجزيل من مولاه وسيده عندما يكون في اشد الحاجة اليه. مع ان المعطي من ماله شيئا فانما من مال الله اعطى. ومع هذا يكون قرضا عند الله تعالى تفضلا منه عزوجل وجودا. وليس المحروم الآخذ الا اداة وسببا لينال المعطي الواهب اضعاف ما اعطى من مال الله تعالى (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣))
البيان : (الله غنى عن الصدقة المؤذية. فهو جواد كريم يعطي من يريد عطائه مباشرة حينما تبخل عبيده عن الجود ببعض ما اعطاهم. فاذا بخلوا وانكروا شكر النعمة فانه هو يباشر العطاء لمن بخلوا عن عطائه. وانما اراد اما الكشف عن سوء عقيدتهم وايمانهم عند بخلهم وعصيانهم واما لأجل ان يظهر عظمتهم وقوة ايمانهم واداء شكرهم لسيدهم ومولاهم فالحكمة حاصلة في حال الشكر والعطاء او الكفر والمنع.
وما يزال هذا القرآن يذكر الانسان بصفة الخالق العظيم. والمنعم الكريم. ليتأدبوا منها وما يزال ادب المسلم يرتقي ويتصاعد. في مراتب الفضيلة والكمال الانساني (وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٢٦٤))