شيء وعن كل شعور. وهنا تبرز سمة الاسلام الاولى : ولفظ أسلم يعني سلم واستسلم وفوض أمره الى الله. ومع هذا فلا بد من الدليل الظاهر على صحة الاستسلام ، فسمة الاسلام هي الوحدة بين الشعور والسلوك بذلك تصبح العقيدة منهجا للحياة كلها ، بذلك الشخصية الاسلامية تتوحد. فالاجر مضمون لا يضيع. والامن موفور لا يساوره خوف ، والسرور فائض لا يمسه حزن ، وتلك هي القاعدة العامة التي يستوي عندها الناس جميعا ، فلا محاباة عند الله سبحانه وتعالى.
ثم يعود ترذيل محاولتهم في تشكيك المسلمين في صحة الاوامر والتبليغات النبوية ـ وبخاصة ما يتعلق منها بتحويل القبلة ـ فيقول عزوجل :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥))
وأقرب ما يتوارد الى الخاطر أن هاتين الآيتين تتعلقان بمسألة تحويل القبلة وسعي اليهود لصد المسلمين عن التوجه الى الكعبة ، أول بيت وضع للناس.
ولذا قال عزوجل (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ...) فقد جاء ذلك ردا على تضليل اليهود في ادعائهم ان صلاة المسلمين الى بيت المقدس كانت باطلة ، فردهم بقوله (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ). وانما تخصيص قبلة معينة هو توجيه من عند الله في طاعته ، واليه يرجع الامر كله.
(وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)
وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨))