وهذه المقولة الفاسدة (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) مشتركة بين اليهود والنصارى في المسيح وعزيز. ومن العجب أن هذه القولة النكراء لم تزل في عقائد النصارى واليهود حتى في القرن العشرين.
وهنا نصل الى فكرة الاسلام التجردية الكاملة ، وعن نوع العلاقة بين الخالق وخلقه وعن طريقة حدود الخلق عن الخالق العظيم ، وهي أرفع وأوضح صورة عن هذه الحقائق جميعا.
لقد صدر الكون عن خالقه عن طريق توجه الارادة المطلقة ، القادرة (كُنْ فَيَكُونُ) فبمجرد توجه الارادة الى خلق كائن ما كفيل وحده بوجوده هذا الكائن ، بدون أدنى واسطة.
أما كيف تتصل تلك الارادة التي لا نعرف كنهها ، بذلك الكائن المراد صدوره عنها ، فذلك هو السر الذي هو فوق مستوى المخلوقات ، لاستحالة احاطة المحدود باللامحدود ، لان ذلك ليست من صلاحيتها التي وجدت لأجلها ، وهي خلافة الارض وعمارتها والتكامل الانساني ،
وبقدر ما وهب الله تعالى للانسان من القدرة على كشف قوانين الكون التي يفيده في مهمته ، وسخر له الانتفاع بها.
بقدر ما روي عنه الاسرار الاخرى التي لا علاقة لها بخلافته الكبرى ، ولقد ضربت الفلسفات في تيه لا منارة فيه وهي تحاول كشف هذه الاسرار ، فلم يتهيأ لهذا المجال الا الرجوع بخفي حنين.
وعصم الاسلام أهله المؤمنين بحقيقته ان يضربوا في هذا التيه بلا بيان ولا دليل ، والنظرة الاسلامية ان الخلق غير الخالق ، وان الخالق ليس كمثله شيء ، ومن هنا تنتفي من التصور الاسلامي فكرة : (وحدة الوجود) على ما يفهمه غير المسلم من هذا الاصطلاح (أي من أن الوجود وخالقه وحدة واحدة) (بديع السماوات والارض اذا أراد شيئا قال له