(لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) هذا هو النعيم الذي لا يدركه فوت. ولا يخشى عليه زوال. ولا يعقبه موت. ولا يتهدده عذاب. هذا هو الذي يستحق الجد والاجتهاد لتحصيله. هذا هو الذي يحق لمن ناله ان يفرح به ويفتخر به على الذين يفنون اعمارهم وينفقون اموالهم في طلب ما يجلب لهم في الدنيا الشقاء والعناء. وفي الاخرة العذاب الشديد والخلود في النار.
(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ...) أذلك النعيم المقيم خير منزلا ومقاما ام شجرة الزقوم.
(وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤) وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ (٨٦))
البيان : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) تتضمن هذه الاشارة توجه نوح (ع) بالنداء الى ربه. واجابة دعوته. وتتضمن نجاته هو وأهله من الكرب العظيم كرب الطوفان. الذي لم ينج منه الا من ركب في السفينة. وتتضمن قدرة الله حيث اختار ذرية نوح (ع) لعمارة هذه الارض. وان يبقى ذكره في الاجيال الى آخر الزمان. (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ). (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) ومضت سنة الله منذ فجر البشرية. وفق ذلك الاجمال ..
(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) هذا هو افتتاح القصّة. والمشهد الاول فيها. نقلة من نوح الى ابراهيم (ع). وبينهما صلة في العقيدة والدعوى والطريق. فهو من شيعة نوح (ع) على تباعد الزمان بينهما. ولكنه المنهج الالهي الواحد يلتقيان عنده ويرتبطان به ويشتركان فيه.