وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥))
البيان : تبدأ السورة بهذا التقرير الحاسم. (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ). العزيز القادر على كل شيء بدون استثناء. الحكيم المنزه عن كل عبث. الذي يعلم فيم ينزل ولما ذا ينزل. ويفعل جميع ذلك بحكمة وتقدير. ومصالح ومفاسد. لسعادة هذا الانسان وصالح هذا الكون وما فيه. (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) منزه عن كل عبث أو فساد أو باطل أساسه الحق الذي أنزل به الكتاب. وله الوحدانية المطلقة. التي يقوم عليها الوجود.
(فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) والخطاب لرسول الله ص وآله الذي أنزل اليه الكتاب بالحق. وهو منهجه الذي يدعو اليه الناس كافة الى عبادة الله وحده. واخلاص الدين له. وقيام الحياة كلها على أساس هذا التوحيد.
وتوحيد الله واخلاص الدين له. ليس كلمة يلوكها اللسان. انما هو منهج حياة كامل يبدأ من تصور واعتقاد ويقين في الضمير والقلب. وينتهي الى نظام يشمل حياة الفرد والجماعة.
والقلب الذي يوحد الله تعالى يدين لله وحده. ولا يحني هامته لأحد سواه. ولا يطلب شيئا من غيره. ولا يعتمد على أحد من خلقه ـ لعلمه انهم كلهم فقراء ضعفاء اليه مثله ـ
فالله وحده هو القوي الغني الذي عنده مصدر الخير والنعم. وهو القاهر فوق عباده. والعباد كلهم ضعاف لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا. فلا حاجة الى أن يحني هامته لواحد منهم. والله وحده هو المانح المانع. وهو الغني والخلق كلهم فقراء اليه.
والقلب الذي يوحّد الله تعالى ويؤمن بوحدة الناموس الالهي