ذلك يقرّد معنى الألوهية. ومعنى العبودية. ويتميزان فلا يختلطان ولا يشتبهان.
(قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي. فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ) مرة اخرى يعلن انني ماض في طريقي. اخلص لله بالعبادة. واخلص له الدينونة. فاما أنتم فامضوا في الطريق التي تريدون. واعبدوا ما شئتم من دونه. ولكن هنالك الخسران الذي ما بعده خسران الذي ستقعون فيه. أنه خسران النفس التي تنتهي الى جهنم. وخسران الأهل وخسران الجنة والنعيم الخالد. (أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) ثم يبين لهم كيفية بعد العذاب فيقول في هيئة ظلل من فوقهم ومن تحتهم. انه مشهد مرعب رهيب حقا. مشهد النار في هيئة ظلل من فوقهم ومن تحتهم. انه مشهد رعيب يعرضه خالق العباد لعباده في هذه الحياة لعلّهم يرهبونه ويتجنبون ما يوصلهم اليه بدون اختيار اذا أخرجوا من هذه الدار وهم على تلك الحالة من الانحراف والعصيان. (ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ) ويحذرهم لعلهم يحذرون. (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) وعلى الضفة الاخرى يقف اهل السعادة واهل الفوز واهل الارباح الطائلة التي ربحوها في حياتهم الاولى. اهل النعيم الخالد وجنة فيها ما تشتهي أنفسهم (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى).
الطاغوت هو كل متكبر على الله. ويحكم بغير ما انزل الله. وهو كل من طغى وتجاوز حدود الخالق العظيم. والذين اجتنبوا اتباع الطاغوت الذي يعبر عنه بانه عبادة للطاغوت هم الذين انابوا الى ربهم واخلصوا له العبادة. هؤلاء (لَهُمُ الْبُشْرى) صادرة اليهم من الملأ الاعلى والرسول الاكرم ص وآله. يبلغها لهم بأمر الله تعالى (فَبَشِّرْ عِبادِ) انها البشرى العلوية يحملها خير البرية. وهذا بذاته نعيم ووسام لا تعادله كنوز العالم بأسرها.