والله يشرح للاسلام قلوبا يعلم منها الخير. ويصلها بنوره فتشرق به وتستضيء (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) وهذه الاية تصور حقيقة القلوب التي تتلقى الاسلام فتنشرح له ومن يشرح الله صدره للاسلام ويمد له من نوره. يصبح يسير بنور بصيرته وضياء قلبه. (ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) هكذا ترتعش القلوب حين تحركها يد الرحمان. والله تعالى يعلم من حقيقة القلوب ما يجازيها عليه بالهدى. أو بالضلال. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) فهو يضله يعني يدعه وما اختار لنفسه من عصيان خالقه وارتكاب ما نهاه عنه (وقيل ذوقوا كنتم تكسبون).
ويلتفت من هذا المشهد الى الحديث عن المكذبين الذين يواجهون محمدا ص وآله ـ ليعرض عليهم ما جرى للمكذبين قبلهم لعلهم يتداركون أنفسهم.
(فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١))
البيان : (فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) فهذه حال المكذبين في الدنيا والآخرة. ينتظرهم العذاب الاكبر. وسنة الله ماضية لا تتخلف. ومصارع القرون من قبلهم شاهدة. ووعيد الله لهم في الآخرة. والفرصة لهم سانحة. وهذا الذكر ولمن يتعظ ويتذكر ، والحجة لهم لازمة واضحة. (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) والله عزوجل يضرب الامثال للعبد الموحد. والمشرك. والخيار بيده (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ. وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) وباب التوبة مفتوح لا يغلق عن مخلوق حتى ينتهي اجله ويستكمل امده (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) انهما لا يستويان. فالذي يطيع