وهذه كذلك تزيد الموقف رهبة حين ينكشف لهم سوء وقبح ما فعلوا وما كانوا به يستهزؤون من الواعظ والمرشد والمحذر لهم.
(فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ..) ان الضر يسقط عن الفطرة ركام الاهواء والشهوات. ويجردها من العوامل المصطنعة التي كانت تحجب عنها الحق الكامن فيها وعندئذ تتوجه الى خالقها حينما تنقطع لديها الاسباب والوسائل المصطنعة لدى البشر الغافلين عن هذا.
(بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) هي فتنة للاختيار والامتحان ليتبين ان كان سيشكر أو سيكفر وان كان سيصلح أو سيفسد. وان كان سيعرف الطريق. أم يجنح الى الضلال المبين.
(قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هي ذاتها هذه الكلمة الضالة التي قالها الذين من قبلهم وهؤلاء سيصيبهم ما أصاب الغابرين. فسنة الله لا تتبدل (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ).
(فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥١) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥))
البيان : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ..) انها الرحمة الواسعة التي تسع جميع المذنبين والمنحرفين ان هم تابوا واعتدلوا ورجعوا الى حظيرة القدس والطاعة والاخلاق وحينئذ تحرسهم عناية الخالق العظيم من كل هول وخوف ومن عدوهم الشيطان الرجيم.