هذا القلب تحتاج الى تكرار التنبيه فهو ينسى اذا طال عليه الامد. وهو يحتاج ابتداء الى التكرار. بطرق شتى لتثبيت أية حقيقة شعورية فيه. والقرآن المجيد يأخذ هذا القلب بما أودع في فطرته من خصائص واستعدادات وفق ما يعلم خالق هذا القلب ومصرفه بما يشاء.
(تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) كأن (حا. ميم) اسم للسورة ـ او لجنس القرآن ـ اذ انها من جنس الاحرف التي صيغ منها لفظ القرآن المجيد. وهي تقع مبتدأ وذكر الرحمن الى الصفة الغالبة صفة الرحمة. وما من شك هذا الكتاب جاء رحمة للعالمين رحمة وهدى للمتقين الذين الزموا بتطبيقه وهو رحمة عامة حتى لأهل الذين لم يؤمنوا او لم يطبقوه والذين يتتبعون التاريخ البشري بانصاف ودقة. ويتتبعونه في معناه الانساني العام. الشامل لجميع اوجه النشاط الانساني يدركون هذه الحقيقة. ويطمئنون اليها. وكثيرون الذين قد سجّلوا هذا. واعترفوا به في وضوح من غير المسلمين.
(كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعقلون) التفصيل المحكم وفق الاغراض والاهداف. ووفق انواع الطبائع والعقول. ووفق البيئات والعصور. ووفق الحالات النفسية وحاجاتها المتنوعة. (لقوم يعقلون) لديهم الاستعداد للعلم والمعرفة (بَشِيراً وَنَذِيراً) يبشر المؤمنين العاملين وينذر المكذبين والمسيئين لعلهم يرشدون.
(فأعرض اكثر فهم لا يسمعون) وقد كانوا يعرضون فلا يسمعون فعلا. ويتحامون وكانوا يحذّرون الجماهير على السماع لقوله (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) وأحيانا كانوا يسمعون بدون ارادة منهم ولكن يعرضون بأذهانهم ان تصغي اليه.
(وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) قالوا هذا امعانا في العناد وتيئيسنا للرسول ص وآله ـ ليكفّ عن دعوتهم لما كانوا يجدونه في