لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١٤) فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٥))
البيان : الله منزل هذا القرآن ليكون حكمه الفصل فيما يختلفون فيه. وهو مدبر السموات والارض. والناموس الذي يحكم السماء والارض هو حكمه الفصل في كل ما يختص بها من أمر وشؤون الحياة والعباد ان هي الا طرف من أمر السموات والارض فحكمه فيها هو الحكم. والله الذي يجب أن يرجعوا الى حكمه فيما يختلفون فيه (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) فهنالك وحدة في التكوين تشهد بوحدانية الاسلوب والمشيئة وتقديرها المقصود. انه هو الذي جعلكم ـ أنتم والانعام ـ تتكاثرون وفق هذا المنهج وهذا الاسلوب. ثم تفرد هو دون خلقه جميعا. فليس هنالك من شيء يماثله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) والفطرة تؤمن بهذا بداهة. فخالق الاشياء لا تماثله هذه الاشياء التي هي من خلقه. ومن ثم ترجع كلها الى حكمه عند ما تختلف فيما بينها على أمر. ولا ترجع معه الى احد غيره. لانه ليس هناك أحد مثله.
ثم انه هو الذي يتولى أمر رزقهم قبضا وبسطا. وهو رازقهم وكافلهم ومطعمهم وساقيهم فلمن غيره يجوز التوجه ليحكم بينهم فيما فيه يختلفون. انما يختص التوجه الى الرازق الكافل المتصرف في الارزاق. (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فهو الذي يحكم وحكمه العدل وقوله الصدق.
(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً. وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) لقد جاء في مطلع السورة (وكذلك يوحي اليك ..) فكانت هذه اشارة