(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧))
البيان : من تكون حجته باطلة مغلوبة عند ربه فلا حجة له ولا سلطان. ووراءه الهزيمة والبطلان في الارض والغضب والعذاب الشديد في الاخرة. وهو الجزاء المناسب على اللجاج بالباطل بعد استجابة القلوب الخالصة. (الله أنزل الكتاب بالحق) وأنزل العدل وجعله حكما فيما تختلف فيه الآراء. والاهواء (والميزان) لوزن الاعمال ومعرفة الحقائق. (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) والناس عنها غافلون. وهي منهم قريب. وعندها يكون الحساب : أما السعادة. واما الدمار. اما الجنة. واما النار. وكل من دخل واحدة منهما فلا يخرج منها ابدا فالويل للغافلين. وهي ساعة الموت وما بعدها اشد وادهى.
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠))
البيان : الذين لا يؤمنون بالاخرة لا تحسّ قلوبهم بهولها. ولا تقدر ما ينتظرهم فيها فلا عجب اذا طلبوا استعجالها مستهزئين. لانهم محجوبة قلوبهم عنها فلا يدركون نكالها.
وأما الذين آمنوا فهم مستيقنون بها. ومشفقون منها. ويراقبونها بحذر هائل. وانهم ليعلمون انها الحق. وبينهم وبين الحق صلة (أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ).
(اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) وتبدو المناسبة بعيدة في ظاهر الامر بين هذه