الحق يقابله امر الله الجازم بتمكين هذا الحق لاتمام الحجة عليهم وقطع اعذارهم واذا هم يمكرون ويتركهم بعد هذا البيان والتهديد. ويوجه رسوله ص وآله الى دعوتهم : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) لقد كانوا يعبدون الملائكة بزعم انهم بنات الله. ولو كان لله ولد لكان أحق احد بعبادته (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وحين يتأمل الانسان هذه السموات والارض. ونظامهما ومدى ما يمكن وراء هذا النظام من عظمة وعلو. ومن سيطرة واستعلاء. يصغر في نفسه كل وهم. وكل زعم من ذلك القبيل. ويدرك بفطرته ان صانع هذا كله لا يستقيم في الفطرة ان يكون له شبه ـ اي شبه ـ بالخلق الذين يلدون ويولدون. ومن ثم يبدو مثل ذلك لهوا ولعبا. لا يستحق شيء منه للممناقشة والجدل. انما يستحق الاهمال والتحذير (فذرهم يخوضوا. حتى يلاقوا يومهم).
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) وهو تقرير للالوهية الواحدة والتفرد بهذه الصفة لا يشاركه فيها مشارك. مع الحكمة فيما يفعل. والعلم المطلق بهذا الملك العريض.
(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٨٩))
البيان : يومذاك لا احد ممن يدعونهم شركاء يملك ان يشفع لاحد منهم ـ كما كانوا يزعمون انهم يتخذونهم شفعاء عند الله. فانه لا شفاعة الا لمن شهد بالحق. وآمن به ومن يشهد بالحق لا يشفع في من جحده وعاداه.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) وكيف يصرفون عن الحق