آيات الله. ومن نعمته ورحمته. وبها تنعلق حياتهم وهي مرتبطة كلها بنظام الكون الاصيل (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ).
تبشر بالمطر الذي هو سبب للحياة العامة .. (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) ولكن الناس لم يستقبلوا رحمة الله هذه ـ وهي اجل واعظم ـ استقبالهم للرياح المبشرات. ولم ينتفعوا بها ـ وهي انفع وادوم ـ انتفاعهم بالمطر والماء. وقد وقفوا اتجاه الرسل فريقين مجرمين لا يؤمنون ولا يتدبرون. ولا يكفون عن ايذاء الرسل والصد عن سبيل الله.
والفريق الآخر المؤمنون الذين يدركون آيات الله. ويشكرون رحمته. ويدركون انه لو لا فضل الرسل (ع) وفضل من يؤمن بهم لما انزل الله تعالى من السماء قطرة ماء. ولما اخرج من الارض نبتة خضراء فالمؤمنون يدركون ذلك جيدا لذلك يفرحون بارسال الرسول اكثر بكثير من فرحهم بنزول المطر. ويسرعون الى الاستفادة من الرسول والايمان به لعلمه بفوائد ذلك وعظمته عند الله تعالى. (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
فسبحان الذي أوجب على نفسه نصر المؤمنين. وجعله لهم حقا عليه عز شأنه وعظم فضله. وقد اكد لهم في هذه الصيغة الجازمة التي لا تحتمل شكا ولا ريبا. كيف ينصرهم والقائل هو الخالق العظيم القوي العزيز. القاهر فوق عباده. وهو الحكيم الخبير. وقد يبطيء هذا النصر لحكمة يراها من يعلم الحاضر والمستقبل. وقد يبطىء هذا وارادته هي الخير والصلاح لعباده المؤمنين (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) وفق ناموسه في تكوين هذا الكون وتنظيمه وتصريفه. (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) وهذا تقرير لحالهم قبل ان ينزل عليهم المطر. حالهم اليأس والقنوط. ثم هم يستبشرون. (فَانْظُرْ إِلى آثارِ