رَحْمَتِ اللهِ) انظر اليها في النفوس المستبشرة بعد القنوط. وفي الحياة التي تدب في التربة وتدب في القلوب.
(كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) انها حقيقة واقعة في منظورة الناس اجمع. لا تحتاج الى برهان (إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وهذه آثار رحمة الله في الارض تنطق بصدق (إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى) وبعد تقرير هذه الحقيقة يمضي في تصوير حال القوم الذين يستبشرون بالرياح. ثم يصف حالهم حينما تكون الرياح لتدميرهم وتدمير أرضهم وأموالهم :
(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥))
البيان : يكفرون سخطا ويأسا. بدلا من ان يستسلموا لقضاء الله. ويبتهلون اليه في رفع البلاء الذي استحقوه بجرائمهم وعصيانهم لخالقهم العظيم. وعدم انتفاعهم بآيات الله التي يرونها مائلة في الكون من حولهم. وعدم ادراكهم لحكمة الله من وراء ما يشهدونه. من احداث عند هذا يتوجه الخالق العظيم الى رسوله الكريم. فيعزيه عن اخفاق جهوده في هداية الكثير منهم (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ. وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ).
ان الله عزوجل يصور هؤلاء المعاندين للحق والعدل. كمن لا حياة فيهم ولمن لا يبصر شيئا. وكالذي ينفصل حسه عن الوجود. انما هي حياة حيوانية بل اضل واقل.
فالحيوان مهتدى بفطرته وغريزته التي منحها الله تعالى له. اما