عقله ونبذ هواه. واطاع خالقه سما فوق الملائكة. وأصبح أشرف وأفضل من كل ما وجد في هذا الوجود ـ بعد خالقه ـ بدون استثناء.
وان هو نبذ عقله واتبع هواه تسافل حتى يصبح أخبث مخلوق وجد. وبهذه الخصائص الفريدة. وبهذه الوظائف الدقيقة المتنوعة. خارقة خالدة نسيناها. لكثرة تكرارها وقربها منا. ان الحياة في ابسط صورها معجزة. واصغرها كأكبرها. وفي هذا كله آيات ناطقة بالحكمة والعظمة. لمن يراها بقلب مفتوح. وعقل صاح انها (آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) واليقين والحالة المهيئة للقلوب كي تحسّ وتتأثر وتفكر في عالم الناس وباقي الاحياء. وتتلقى حقائق الكون في راحة وهدوء.
(وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) انهما ظاهرتان وهما يواجهان مشاعر القلوب الحية. لترى يد الخالق العظيم كيف تدير هذا الكون كله لخدمة هذا الانسان واستفادته منه (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ) والرزق قد يكون المقصود منه الماء. النازل من السماء كما كان يفهم فيما مضى. ولكن رزق السماء اوسع. فأن الاشعة التي تنزل من السماء ليست أقل اثرا في احياء الارض من الماء. بل هي التي ينشأ منها الماء بأذن الله فبالماء والحرارة والضياء تحيا الارض بعد موتها باذن خالقها العظيم القدير.
(وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) وهي تمضي شمالا وجنوبا. وشرقا وغربا. وفق النظام المقدر من خالق الكون وما حواه. وفيها آيات معروضة (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فللعقل هنا عمل كبير (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ) ان أي كلام لن يبلغ كلام الخالق العظيم. في قرآنه المجيد. وان أي ابداع لن يبلغ ابداع هذا الكون الهائل. وان اية حقيقة لن تبلغ حقيقة من اذا قال للشيء كن فيكون. في الثبوت والوضوح واليقين.
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) وهنا لا يليق بمن لا يؤمن الا التهديد والتنكيل.