القدير الخبير. وكتاب الكون يدل على صدق الكتاب المتلو. وما فيه من انذار وتبشير. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ) وهذا هو العجب المستنكر الذي يشير اليه الكتاب المنزل. والكتاب الكوني المنظور.
فالكتاب المنزل المتلو يقرر أن الله واحد يستحيل تعدده. وكتاب الكون الحي ينطق بهذه الحقيقة ذاتها. فنظامه وتنسيقه وتناسقه كلها تشهد بوحدانية الصانع المقدر المدبر. الذي يصنع وما يصنع عن علم وحكمة ومعرفة والواقع شاهد.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) وهذا تلقين من الله سبحانه لرسوله ص وآله ليواجه القوم بشهادة كتاب الكون المفتوح. للكتاب الذي لا يقبل الجدل والمغالطة. ـ الّا اذا قصد المراء والافتراء ـ والذي يخاطب الفطرة بمنطقها. بما بينه وبينها من صلة ذاتية خفية يصعب التغلب عليها ومغالطتها. (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ).
ولن يملك انسان أن يزعم ان تلك المعبودات ـ سواء كانت حجرا أم بشرا ـ قد خلقت من الارض شيئا أو خلقت في الارض شيئا. ان منطق الفطرة بذلك شاهد.
(أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) ولن يملك انسان كذلك ان يزعم أن لتلك المعبودات شركة في خلق السموات او في ملكيتها. ونظرة الى السموات عابرة توقع في القلب عبر واحساس بعظمة الخالق المتعال. والشعور بوحدانيته لا ينكره إلّا القلب المطموس. والله تعالى منزل هذا الكتاب وهو يعلم أثر النظر في هذا الكون على قلوب عباده. ومن ثم يوجههم الى كتاب الكون ليتدبروه. ويستشهدوه. المباشر لقلوبهم الحية.