بالرعاية الراضي لايحائه واشارته. والتجرد المطلق من كل ارادة ذاتية والثقة العميقة بالرعاية الحانية. يرى الرؤيا فيتحرك بوحيها. ولقد فرح رسول الله ص وآله بهذه السورة.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) والسكينة لفظ معبر مصور. والسكينة حين ينزلها الله في قلب. تكون طمأنينة وراحة وثقة ويقينا ورضى واستسلاما. ولقد كانت قلوب المؤمنين في هذه الواقعة تجيش بمشاعر شتى وتفور بانفعالات متنوعة كان فيها الانتظار والتطلع الى التصديق لرؤيا الرسول ص وآله. بدخول المسجد الحرام. ثم مواجهة موقف قريش ورجوع رسول الله ص وآله الى بيت الله الحرام.
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) واذا كان هذا في حساب الله فوزا عظيما. فهو فوز عظيم. ثم أنبأهم بجانب اخر من جوانب حكمته فيما قدر في هذا الحادث.
(وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (٧) إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩) إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١٠))
البيان : لقد بين النص حالة المنافقين والمنافقات. والمشركين والمشركات في صفة ظن السوء بالله وعدم الثقة بنصرته للمؤمنين. وفي انهم جميعا (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) وغضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم وساءت مصيرا.
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فلا يعيبه من امرهم شيء ولا يخفى عليه من أمرهم شيء وله جنود لا تحصى ولا تقدر بمقدار قوة وعددا.