إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي [ ج ٤ ]

تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي

تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي [ ج ٤ ]

تحمیل

تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي [ ج ٤ ]

374/560
*

هذا الجنين ـ حيث لا يقف له قلب ولا وجدان.

وان وقفة أخرى امام اللحظة التي يتحرك فيها لسان الجنين لينطق بهذه الحروف والمقاطع والكلمات ثم العبارات. بل امام النطق ذاته. نطق هذا اللسان وتصويت تلك الحنجرة. انها عجيبة وعجيبة. تفقد وقعها لانها تمر بنا كثيرا. ولكن الوقوف امامها لحظة في تدبر يجدد وقعها. انها خارقة مذهلة. تنبىء عن القدرة الباهرة التي صممتها واحكمت تركيبها. قال تعالى :

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤))٢٣ س / ١٧ س.

وكل خارقة في كل جزء في حياة هذا المخلوق تقفنا امام خارقة أخرى الى ما لا نهاية لها. وكل فرد من هذا الجنس عالم وحده. ومرآة ينعكس من خلالها هذا الوجود كله في صورة خاصة. لا تتكرر ابدا على مدى الدهور. ولا نظير له بين أبناء جنسه جميعا مع اخوته الذين وجد معهم في بطن واحدة. بل في آن واحد. لا في شكله وملامحه. ولا في عقله ومداركه. ولا في روحه ومشاعره. ولا في صورة الكون كما هي في حسّه وتصوره.

ففي هذا المتحف الآلهي العجيب وجد هذا المخلوق العجيب. الذي يضم ملايين الملايين. وكل فرد نموذج بذاته وطبعه فريدة لا تتكرر. يمر من خلالها الوجود كله في صورة لا تتكرر. كما لا توجد بصمة اصابع مماثلة لبصمة اصابع اخرى في هذه الارض في جميع العصور كما قال تعالى.

(فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣))القيامة / ٤ ى