تفجرت العيون وهطلت السماء كالابواب بدون معيار او مقدار. وكل ما عند الله يمكن حصوله كذلك. فليس على الله شيء بعزيز او عسير. وما أمره الا كلمح البصر او هو اقرب حتى ينصر من اراد ان ينصره.
ويجيب دعوة من يريد ان يجيب دعاءه بدون تأخير. وما هي الا حركة كونية فيحصل ما يريد (وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) والتقى الماء المنهمر بالماء المتفجر. حتى صار طوفانا فوق الجبال الشاهقة (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) ان قوى الكون الهائلة كلها رهن ارادة خالقها العظيم. يستحيل ان تتوقف لحظة الى بارادته ومشيئته (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) هذه الواقعة تركناها آية للاجيال الحية (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ولقد كان كما صوره القرآن عذابا مدمرا جبارا وكان نذيرا صادقا بهذا العذاب. الفظيع (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١))
البيان : وهذه هي الحلقة الثانية. أو المشهد الثاني من مشاهد التعذيب العنيف الذي يقف الانسان عليه بعد مصرع قوم نوح (ع).
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) الصرصر : الباردة العنيفة. فالريح تنزعهم وتجذبهم وتحطمهم. فتدعهم كأنهم اعجاز نخل ـ مقلوعة ـ