ولقمان الذي اختاره القرآن ليعرض بلسانه قضية التوحيد. وقضية الآخرة تختلف في حقيقته الروايات. والاكثرون على انه عبد صالح. وانه كان عبدا حبشيا وايا كان فقد قرر القرآن انه رجل اتاه الله الحكمة الحكمة التي مضمونها ومقتضاها الشكر لله تعالى. وهذا توجيه قرآني ضمني الى شكر الله عزوجل. اقتداء بذلك الرجل الحكيم. المختار الذي يعرض قصته وقوله. والى جوار هذا التوجيه الضمني توجيه آخر. فشكر الله انما هو رصيد مذخور للشاكر ينفعه في الدنيا والآخرة. والله المشكور غني عن شكر الشاكرين. وانما امرهم وحثهم على شكره لافتقارهم اليه في دينهم ودنياهم. وقيامهم وقعودهم. وشكر الله عزوجل نور وغذاء للقلوب. وضياء للعيون. وقوة لكل عضو من اعضاء الانسان ولذا ورد الدعاء (بحول الله وقوته اقوم واقعد). هذا هو افتقار المخلوق لخالقه والعبد لمولاه. (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) اذن فاحمق هو من يخالف الحكمة (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ) وانها لعظة غير متهمة. فما يريد الوالد لولده الا الخير. وما يكون الوالد لولده الا ناصحا. وهذا لقمان الحكيم ينهي ابنه عن الشرك. ويعلل هذا النهي بان الشرك ظلم عظيم. ويؤكد هذه الحقيقة مرتين. مرة بتقديم النهي وفصل علته. ومرة بان واللام.
وهذه هي الحقيقة التي يعرضها محمد ص وآله. على قومه فيجادلونه فيها. ويشكون في غرضه من وراء عرضها. ويخشون ان يكون وراءها انتزاع السلطان منهم والتفضل عليهم. فما القول ولقمان الحكيم يعرضها على ابنه ويأمره بها. والنصيحة من الوالد لولده. مبرأة من كل شبهة. بعيدة من كل ظنة. الا انها الحقيقة القديمة. التي تجري على لسان كل من اتاه الله الحكمة. دون الناس يراد بها الخير المحض