لتأويل النص عن ظاهر مدلوله فالله يقول عزوجل :
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وهذا التسبيح قد يكون على ظاهره فكل شيء حي بحسبه وما اعده الله له. وقد يكون التسبيح بكماله وجماله واتقانه يسبح خالقه العظيم. والمنظم الحكيم. وكلا الاحتمالين يتقبله العقل ويقره الشرع بكل ترحيب.
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ان كل شيء في السموات والارض سبح لله. مالكهما الذي لا شريك له في ملكه. فهو تسبيح المملوك لمالكه المتفرد في ملكه. الذي يحيي ويميت. فهو يخلق الحياة. ويحيي الموت. فلا يحتاج الى آلة تميت وتحيي بل ارادته (كُنْ فَيَكُونُ) (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) الاول فليس قبله شيء. والاخر فليس بعده شيء ... بل هو الموجود بذاته. ليس له بدء ولا نهاية. وانما هي المسامحة والتقريب لتفهيم البشر. والظاهر فليس فوقه شيء. والباطن فليس دونه شيء (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) علم الحقيقة الكاملة. فحقيقة كل شيء مستمدة من الحقيقة الالهية وصادرة عنها.
فاذا أستقرت هذه الحقيقة الكبرى في قلب. توحد اهتمامه بالله تعالى دون سواه فيصبح يرى ان لا حقيقة. ولا وجود ـ حتى ذلك القلب ذاته ـ الا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى. وان استقرار هذه الحقيقة في قلب ليحيله قطعة من هذه الحقيقة الكبرى.
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها). ففي كل لحظة يلج في الارض ما لا عداد له. ولا حصر من شتى انواع الأحياء والأشياء. ويخرج منها ما لا عداد له ولا حصر من خلائق لا يعلمها الا الله. وفي كل لحظة ينزل من السماء من الامطار والاشعة. والملائكة والاسرار ويعرج فيها كذلك من المنظور والمستور مالا يحصيه الا الله (الذي يعلم كل شيء).