(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) فالمؤمنون والمؤمنات يشع ذلك النور من وجوههم والمنافقون والمنافقات لم يزالوا في ظلام دامس. لا يرى بعضهم بعضا من شدة الظلام. وينادون المؤمنين لينظروا اليهم ليقتبسوا من نورهم.
ولكن المؤمنين يجيبونهم بان ارجعوا الى دنياكم واعملوا صالحا حتى تنير وجوهكم ولكن هيهات وانى للرجوع من سبيل وقد فات ما فات. ولم يعد أمل بالرجوع أبدا.
(ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) ويبدو ان هذا من باب التهكم بهم والسخرية بهم.
(فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ. وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) ويبدو انه سور يمنع الرؤية. ولكنه لا يمنع الصوت. ولذا نرى المنافقين يردون على المؤمنين : (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) فما بالنا نفترق عنكم وكنا نعيش سوية في الدنيا ، في زمن واحد.
(وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي صرفتموها عن الهدى وتركتم طاعة خالقكم (وارتبتم) أي لم يكن ايمانكم ثابت. بل كنتم تعيشون بالشكوك والارتياب (وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) حتى جاءكم الموت الذي يحول بينكم وبين كل خبر (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) وهو الهوى والشيطان.
(فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ). (وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهذا مما يظهر أن الخطاب كان في هذا الحوار مع من كان يدعي الاسلام. ولكن مع خراب العمل لا ينفع معه شيء.
(مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) وننظر من ناحية التناسق الفني في عرض المشهد فنجد لاختيار مشهد النور في هذا الموضع بالذات حكمة خاصة. والحديث عن المنافقين. وكونهم في ظلام لنفاقهم. وبان النور