(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ ..) ذاك الثراء. والفخار. ذاك المعالي والكمال ، الذي يجب أن يتسابق على نيله الاحرار. وأرباب العقول الرزينة. والقلوب النيرة (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ).
وذلك الفضل مبذول لكل طالب وراغب يستحيل أن يقف في وجه طالبه واقف. الا ما يصدر من نفسه الامارة واتباع الهوى. والانقياد الى شهواته الحيوانية لا غير.
(وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وفضل الله لا محجوز ولا محجوز. فهو مبذول لكل من عمل لله وأحرز رضاه. وفي هذا فليتسابق المتسابقون ولله خزائن السموات والارض وهو الجواد الكريم.
ومن ثم يبقى صاحب العقيدة في افق الحقيقة الكبيرة مستعليا على واقع الارض الصغير. وفي القيم الايمانية الثابتة التي لا تهتز لخلل يقع في موازين الحياة الدنيا الصغيرة الخادعة. وتلك وظيفة الايمان في حياة أصحاب العقائد المختارين لتعديل قيم الحياة وموازينها. لا للتعامل بها والخضوع لمقتضياتها ...
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) وقيمة هذه الحقيقة التي لا يتصور العقل غيرها حين يتصور حقيقة الوجود الكبرى قيمتها في النفس البشرية ان تسكب فيها السكون والطمأنينة عند الضراء. ولا تفرح الفرح الذي تستطار به وتفقد الاتزان عند السراء.
(لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) ان الانسان يجزع ويستطار وتستخفه الاحداث حين ينفصل عن هذا الوجود. ويتعامل مع الاحداث كأنها شيء عارض يصادم وجوده. اما حين يستقر في تصوره وشعوره انه هو والاحداث التي تمر به بغيره والارض كلها.