كما انها توحي بان بعضهم كان يلتوي في صيغة التحية فيحورها. الى معنى سيء خفي (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) كأن يقولوا لو كان نبيا حقا لعاقبنا الله على قولنا هذا الذي يتناجون فيه ويدبرون الدسائس والمؤمرات. (وانه (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ) وكشف هذه المؤمرات الخفية وافشاء نجواهم التي عادوا اليها بعد ما نهوا عنها. وكذلك فضح ما كانوا يقولون في انفسهم (لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) هذا كله هو تصديق وتطبيق لحقيقة علم الله بما في السموات وما في الارض وحضوره لكل نجوى.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) يبدو ان بعض المسلمين ممن لم تنطبع نفوسهم بعد بحاسة التنظيم الاسلامي ـ الذين ابرزهم أهل السقيفة ـ فكانوا يجتمعون عند ما تحزم الامور ليتناجوا فيما بينهم ويتشاوروا بعيدا عن قيادتهم. الامر الذي لا تقره طبيعة الجماعة الاسلامية. وروح التنظيم الاسلامي.
وهنا يناديهم الله بصفتهم التي تربطهم به. وتجعل للنداء وقعه وتأثيره (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لينهاهم عن التناجي. ويبين لهم ما يليق بهم من الموضوعات التي يتناجى بها المؤمنون.
(وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى) لتدبير وسائلهما وتحقيق مدلولهما. والبر : الخير عامة. والتقوى اليقظة والرقابة لله سبحانه. وهي لا توحي الا بالخير. ويذكرهم بمخافة الله الذي يحشرون اليه. (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) وهذا يكون عادة بين القادة المسؤولين عن الجماعة. ولا يجوز المناجاة في غير ما يرضي الله تعالى. وهذا هو الذي نهى عنه القرآن ونهى عنه الرسول ص وآله وهذا هو الذي يفتت الجماعة او يوقع في صفوفها الشك وفقدان الثقة. وهذا هو الذي يدبره الشيطان