لأول الحشر. والله هو فاعل كل شيء. ولكن صيغة التعبير تقرر هذه الحقيقة في صورة مباشرة. فتوقع في الحس ان الله تولى هذا الاخراج. وساق المخرجين للارض التي منها يحشرون. فلم تعد لهم عودة الى هذه الارض ليوم الحشر.
(ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) فلا أنتم كنتم تتوقعون خروجهم ولا هم كانوا يحتملون الخروج. فقد كانوا من القوة والمنعة في حصونهم بحيث يمنعهم ذلك من أن يغلبهم غالب.
(فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) أتاهم من داخل أنفسهم لا من الخارج فقد قذف الرعب في قلوبهم بارادة خالقهم العظيم. ففتحوا حصونهم بأيديهم وأراهم انهم لا يملكون مع الله شيئا. حتى قلوبهم قد خرجت عن ارادتهم. وقد كانوا يحسبون حساب الخارج وقد غفلوا عن أن الله تعالى يملكهم من داخلهم وخارجهم على حد سواء.
(يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ) وبهذا تتم حكاية ما وقع للذين كفروا من أهل الكتاب.
(فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) وهو هتاف يجيء في مكانه وفي أوانه والقلوب متهيئة للعظة. متفتحة للاعتبار في ذلك الوقت. فهل لها ان تتلقى ذلك في هذا العصر.
(وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا) فقدرة الله لا تتوقف على جهة دون أخرى فلو أنهم تأخروا بالخروج والجلاء. لأنزل عليهم عذابا من السماء أو أتاهم من حيث لم يحتسبوا.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) يعني خرجوا عن حدود الله وكذبوا رسلهم الذين أمروهم باتباع الرسول العربي الامي الذين يبين لهم ما أخفوا من الحقائق والبينات التي أنزلها. ولا بد أن يكون كذلك