كماله المطلق حيث يستحيل ان يرى فيه نقص أو فطور. أو ارتياب في جماله وكماله.
(ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) فليس هناك خلل ولا نقص ولا اضطراب.
(فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) فانظر مرة بعد مرة للتأكيد (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ). هل وقع نظرك على شق أو صدع أو خلل. (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) فربما فاتك شيء في النظرة الاولى فأعد النظر (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ).
واسلوب التحدي من شأنه أن يثير الاهتمام والجد في النظر الى السموات والى خلق الله تعالى كله. وهذه النظرة الحادة الفاحصة للمتأمل المتدبر. هي التي يريد القرآن ان يثيرها فبلادة الالفة تذهب بروعة النظرة الى هذا الكون الرائع العجيب الجميل الدقيق. الذي لا تشبع العين من تملّي جماله وروعته. ولا يشبع القلب من تلقي ايحاءاته. ولا يشبع العقل من تدبر نظامه ودقته. وبذلك تدركه الدهشة والذهول. والروعة الهائلة لهذا الكون.
فمن نعمة الله على البشر أن أودعهم القدرة على التجارب مع هذا الكون بمجرد النظر والتأمل فالقلب يتلقى ايقاعات هذا الكون الهائل الجميل تلقيا مباشرا حين يتفتح ويستشرف.
ومن ثم يكل القرآن الناس الى النظر في هذا الكون. والى تملي مشاهده وعجائبه. ذلك ان القرآن يخاطب الناس جميعا. وفي كل عصر. يخاطب الامي الذي لم يقرأ حرفا. كما يخاطب العالم الفلكي. والعالم الطبيعي. كما يخاطب الفيلسوف والبليغ والحكيم. والاديب. وكل واحد من هؤلاء يجد في القرآن المجيد ما يناسب فهمه واستعداده