فهو سبحانه الذي يعلم ما في الارحام من ذكر وأنثى. من فيض وغيض. ويستحيل أن يعلم سواه عن ذلك. وهذا القرن العشرين بأشعته الهائلة. هو عاجز ولم يزل عاجزا عن معرفة الجنين. هل ذكر أم أنثى ولو في قرب ولادته. (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) وهذا الاعجاز الرابع من الاية الذي يتحد به كل مخلوق.
ماذا تكسب من خير وشر. ومن نفع وضر. ومن يسر وعسر. ومن صحة ومرض. ومن طاعة ومعصية. فالكسب أعم من الربح المالي وما في معناه. وهو كل ما تعنيه النفس في المستقبل الاتي. وهو غيب مغلق. والانفس الانسانية تقف أمام سدف الغيب. لا تملك أن ترى شيئا مما وراء الستار. (لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) كما الحديث (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ). وهذا هو الاعجاز الخامس في الاية الواحدة. فاعتبروا يا أولي الالباب بما أراكم الله عزوجل من عجائب قدرته وفائق حكمته انه عليم خبير. حكيم حميد.
وان النفس البشرية لتقف امام هذه الاستار. عاجزة خاشعة ، تدرك بالمواجهة حقيقة علمها المحدود. وعجزها الواضح. ويتساقط عنها غرور العلم والمعرفة المدعاة. وتعرف أمام ستر الغيب المسدل أن الناس لم يؤتوا من العلم الا قليلا. وان وراء الستر الكثير الكثير مما لم يعلمه الا خالقه العظيم والمخلوقات به من الجاهلين. والسياق القرآني يعرض هذه المؤثرات العميقة التأثير في القلب البشرى في رقعة هائلة. رائعة الزمان والمكان. وفي الحاضر والمستقبل. والغيب السحيق وفي خواطر النفس : (علم الساعة. وعلم تنزيل الغيث. وما في الارحام ـ وما تكسب النفس. وأين تموت). وانها فوق مقدور الانسان مهما جد واجتهد. لانه خالقه ومسيره كذلك قدر عليه وهو اللطيف الخبير.