من جميع ذلك الا تقوى الله. وتصور الجنة والنار دائما وأبدا. فكل ما يذكرك نعيم الجنة وما فيها مما لا عين رأت ولا اذن سمعت. وما يذكرك النار وعذابها الخالد. هو تقوى الله تعالى. وكلما يلهيك عن ذلك هو الغرور والشيطان المغوي والمهلك. وأحسن من هذا كله ذكر افتقارك لربك في دنياك قبل آخرتك وافتقارك الى الله في بصرك وسمعك وافتقارك اليه في حركة يدك ولسانك وافتقارك اليه في قيامك وقعودك وتحركك وسكونك.
(إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ. وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ...) الله سبحانه قد جعل الساعة غيبا لا يعلمه سواه. ليبقى الناس على حذر دائم وتوقع دائم. ومحاولة دائمة. والمراد بالساعة هنا ـ والله أعلم ـ هي ساعة الموت لهذا الجسم وانتهاء هذه الحياة. وانتقال الانسان الى الجنة أو الى النار. ولذا يقول رسول الله ص وآله : (اذا مات الانسان قامت قيامته). ويقول خليفته سيد الاوصياء علي بن ابي طالب (ع) (ليس بين أحدكم وبين الجنة والنار الا الموت). فالموت يأتي بغتة في كل لحظة. ولا مجال للتأجيل في اتخاذ الزاد وكنز الرصيد والانابة عن المعاصي. (والله ينزل الغيث وفق حكمته. بالقدر الذي يريده. وقد يعرف الناس بالتجارب قرب نزول المطر. ولكنهم هم أعجز وأقصر من القدرة على نزوله. والنص يقرر أن الله هو الذي ينزل الغيث لانه سبحانه هو المنشىء للاسباب الكونية التي تكونه والتي تنظمه. فاختصاص الله تعالى في نزول الغيث. هو اختصاص القدرة. كما هو ظاهر من النص (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ).
وهذا الاعجاز الثالث في الآية ان اختصاص علم الارحام من مختصات الله تعالى دون سواه. كاختصاصه (بعلم الساعة) وكاختصاصه (بتنزيل الغيث).