الى الشك فيها قضية تنزيل الكتاب من رب العالمين .. ويجعل السياق بنفي الريب. في منتصف الآية. لان هذا هو صلب القضية. والتمهيد لها بذكر هذه الاحرف المقطعة يضع المرتابين الشاكين وجها لوجه امام واقع الامر الذي لا سبيل الى الجدل فيه. فهذا الكتاب مصوغ من جنس هذه الاحرف التي يعرفون. ونمطه هو هذا النمط المعجز الذي لا يمارون في اعجازه أمام التجربة الواقعة. وامام موازين القول التي يقر بها الجميع.
ان كل آية. وكل سورة تنبض بالعنصر المستكن العجيب المعجز ، في هذا القرآن. وتشي بالقوة الخفية المودعة في هذا الكلام المعجز ، وان الكيان الانساني ليهتز ويرتجف ويتزايل ولا يملك التماسك امام هذا القرآن. كلما تفتح القلب. وصفا الحس وارتفع الادراك وارتفعت حساسية التلقي.
وان هذه الظاهرة لتزداد وضوحا كلما اتسعت ثقافة الانسان. ومعرفته بهذا الكون وما فيه. ومن فيه. فليست هي مجرد وهلة تأثرية وجدانية غامضة. بل هي متحققة حين يخاطب القرآن الفطرة خطابا مباشرا. وهي متحققة كذلك حين يخاطب القلب المفتوح. والعقل الصحيح. والذهن الصافي الحافل بالعلم والمعلومات. وان نصوصه تتسع مدى مدلولاتها ومفهوماتها وايقاعاتها. على السواء. كلما ارتفعت درجة العلم والمعرفة. مادامت الفطرة مستقيمة لم تنحرف وتمسخ وترين عليها الاهواء. مما يجزم بان هذا القرآن صنعة خالق عظيم وليس من صنع المخلوقين. على وجه اليقين.
(وانه تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) .. (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ).